عنصريون.. وهذا ليس جديد

بلاد الحرية! هكذا يحبون أن يطلقوا عليها في مسلسلاتهم وأفلامهم التي تتكرر فيها مقولة "إنها أمريكا يا عزيزي، بلاد الحرية" تلك البلاد التي تسوّق للحرية والإنسانية وحرية الرأي واختلاف الثقافات ولكنها تخفي خلف تلك الناطحات الضخمة والمدن الكبيرة والتكنولوجيا الهائلة عنصرية لم توجد في أي مكان آخر.

لم تكن روزا باركس أول من تعرض للعنصرية ضد السود، كانت القوانين تحظر عليها أن تجلس في الباص ورجل أبيض واقفا، كانت روزا قد قررت أن تقول "لا" عام 1955 بعد مئات السنين من العنصرية والأحداث الدامية ضد السود في أمريكا، تلك الحادثة كانت سببا في إلغاء بعض القوانين العنصرية ضد السود لكنها للأسف لم تتمكن من خلع العنصرية من عقلية الزنبور الأمريكي الأبيض.
العنصرية في أمريكا ليست جديدة فقد بدأت منذ قدومهم إلى تلك الأرض وقضائهم على أكثر من 112 مليون هندي أحمر بحجة أن هذا القتل ما هو إلا أضرار هامشية ترافق إقامة الحضارة الأمريكية، العنصرية رافقت قدوم أول سفينة محملة بالعبيد عام 1619، كما أن حادثة دالاس العام الماضي التي قُتل فيها رجلان أسودان على يد الشرطة الأمريكية لن تكون آخر الأحداث العنصرية ضد السود، تاريخ طويل من الاحتقار والاستعباد والقتل والتعذيب والتجويع عاشه السود ومن قبلهم الهنود الحمر على أيدي فئة تتغنى بأنها "أعظم دول العالم".

السود ليسوا وحدهم من يعانون من العنصرية في أمريكا فاللاتينيون والآسيويون والمسلمون يتعرضون بشكل شبه يومي لانتهاكات مؤلمة، وقد رأينا العام الماضي أيضا كيف قام أمريكي بقتل محمد بركات وزوجته يسر محمد وأختها رزان محمد بدم بارد، هذا غير الانتهاكات اليومية من احتقار للدين الإسلامي ومحاولات خلع الحجاب والتوقيف في المطارات وغير ذلك من العنصرية ضد المسلمين.

تتكرر الأحداث وتنتشر العنصرية ويبرز أشخاص يدافعون عنها ويتبنون أفكارا متطرفة حتى في وجود رئيس أمريكي أسود من أصول أفريقية، رجل تأمل الناس أن تتقلص العنصرية في عهده أو تبدو أقل حدة من قبل، لكن المفاجأة جاءت في التاسع من نوفمبر 2016 حيث فاز بالرئاسة الأمريكية دونالد ترامب الذي يفتخر بأفكاره العنصرية ويعلن صراحة أنه سيمنع دخول المسلمين لأمريكا ويضع جدارا على الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين ويحرص على أن يسترجع البيض ملكهم ومجدهم مرة أخرى.

هل كان البيض مضطهدين في أمريكا؟ هل فقدوا فعلا أيا من مزاياهم؟ هل سيطرة وسطوة الرجل الأبيض واستعباد ما دونه هي العظمة التي يريد لها أن تعود لأمريكا بعد ثمان سنوات من حكم أوباما الرجل الأسود؟ باشغنتا كيلياس أحد زعماء الهنود الحمر أخبرنا عام 1787 ببعض الإجابات عن هذه العنصرية: إنهم يفعلون ما يحلو لهم، يستعبدون كل ما ليس من لونهم، يريدون أن يجعلوا منا عبيدا، وحين لا يتحقق لهم ذلك يقتلوننا، إياك أن تثق بكلماتهم أو وعودهم. إنها أحابيل صدقني، فأنا أعرف سكاكينهم الطويلة جدا
.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

ما أصل عبارة "كومير" التي يطلقها المغاربة على نوع من الخبز؟

عبد الصمد الإدريسي يكتب: الإشادة بالجريمة الإرهابية في القانون المغربي

لوموند: تناقص المدارس الحكومية بمدن المغرب الكبيرة